خالتي أم عبده.
وكنا زمان أنا وصاحبي…
بنلعب كورة جوا الحوش…
يشوطها لي. أشوطها له…
ولما الكورة تجري لجل تطلع برا نجري وراها لجل نحوش…
وكان كورة غلبانة…
خرق ملفوفة جوا شراب…
ما بتنطش. وما ليهاش صوت…
وكنا فرحانين بيها. لأن الفقر بيفرح صحابه بأي حاجة. إن كان صحيح الفقر له أصحاب…
تقعد خالتي أم عبده هناك…
على العتبة في ليالي الصيف…
لا عندها حد تخرج له…
ولا ييجي لها في أوضتها ضيف…
كبيرة وشعرها شايب…
وأيامها كمان شايبة…
تشوف صوابعها تحسبهم…
يادوب مناديل ورق دايبة..
وكانت طيبة. يا تكلمك في الدين…
يا تحكي قصص عن العمر إلي فات. والعز. والفدادين…
وكنا عيال. وكل الدنيا…
بالنسبة لنا لعب ونط…
نفوت من تحت أيامنا ومن فوقها…
ولا نعرفش نرسم بين فرحنا وبين دموعنا خط..
تفوت الكورة من جنب أم عبده. تخضها…
تشخط قوام فينا…
وتشكينا لأهالينا…
وبعدين يا ابني منك ليه؟…
بتلعبوا كورة جنبنا ليه؟…
وديني لو أمسك الكورة ما أرجعها…
وديني أقوم أجيب سكينة…
قدامكم وأقطعها..
تقول ما تقول. ولا نسمع كلام منها…
وأقول للواد تعالى عشان نجننها…
يقف صاحبي. أشوط له الكورة…
تيجي الكورة في القلة وفي الكتكوت…
وتيجي في أم عبده. وأما تاخد منننا الكورة…
بندعي نقول يا رب تموت…
وكنا بنفتكر دنيتنا عن…
طفولتنا مش ممكن تزحزحنا…
وإن إحنا هانفضل زي ما إحنا…
وتفضل الكورة تفرحنا…
وماتت من زمان خالتي أم…
عبده وضاعت الكورة..
ولعبت بينا دنيتنا…
وخلت نفس عالية ونفس مكسورة..
كبرت أنا وكبر صاحبي…
وأيامنا خدتنا بعيد..
وراحت مننا الضحكة…
ودنيتنا اتملت تجاعيد..
لا أنا عرفت أبقى زي ما أنا…
ولا صاحبي فضل هو…
وعجز صاحبي من برا…
وأنا عجزت من برا ومن جوا..
وراح بيتنا القديم واتهد…
وبيت تاني في مكانه للسما السابعة علي واتمد…
وأيامنا الكتيرة بعترتنا…
بين سواد وبياض…
وكل حاجات عشقناها زمان…
راحت مع الأنقاض…
ودلوقتي. ساعة ما عيالنا ييجوا يلعبوا في المدخل الكورة…
بسرعة بالاقي صدري يضيق…
أقوم أفتح لهم بابي وهات يا زعيق…
وبعدين يا ابني منك ليه؟…
بتلعبوا كورة جنبنا ليه؟…
وديني لو أمسك الكورة ما أرجعها…
وديني أقوم أجيب سكينة…
قدامكم وأقطعها..
كفاية وخلوا يومكو يفوت…
بقيت أنا للأسف خالتي أم عبده…
بس باضحك كل ما أسأل نفسي…
فيه كام طفل في الشارع بيدعوا عليَّ إني أموت؟!!..
بقلم الشاعر الحبيب الدكتور صلاح عبدالله