رواية طالوت والانسية التى تزوجت جني الحلقة18 و الاخيرة

رواية عشتار الانسية التى تزوجت جني الجزء الثانى “الكتاب الثاني”

رواية طالوت فى عالم الجن
رواية طالوت فى عالم الجن الجزء الثاني من رواية عشتار الانسية التي تزوجت جني

رواية طالوت فى أرض الجن – الجزء الثانى من رواية عشتار الانسية التى تزوجت جني

الحلقة الثامنة عشر و الأخيرة

صعق الجميع حين اختارت عشتار جلجامش ليموت والشنفرة ليعيش

كان الذهول هو سيد الموقف

صاؤول…

وطالوت…

وجلجامش…

والشنفرة…

وحتى عشتار

لماذا اختارت عشتار الشنفرة هذا الجني الغريب الذي لم تعرفه سوى لعدة أيام كان قد خطفها من جلجامش

هل أحبته

هل هي تحبه

هذا ماكان يدور في أذهان الجميع

كان الجميع مصدوماً لدرجة العجز عن الكلام حتى عشتار كان الصراع بينها وبين نفسها كم هو صعب حين يصدم الإنسان نفسه كانت كل حواسها تسألها لماذا اخترتي جلجامش بدل الشنفرة المنطق كان يحتم اختيار الشنفرة لكن شيء ما بداخلها أجبرها على اختيار جلجامش إحساس حار وجارف باختيار جلجامش ولو أنها لم تصدق أنها تستطيع النطق بحكم إعدام جلجامش

حمحم صاؤول بغضب:

– لم يكن ذلك متوقعاً ياعشتار لم أكن أظنك بهذه الدناءة تختارين عشيقك ليعيش وزوجك ليموت ليكن ما اخترتي إذن سأحقق لك أمنيتك

أشاح جلجامش بوجهه بعيداً عن عشتار وخيبة الأمل تنزف من أعماق قلبه المكسور كأسدٍ جريح

اقترب صاؤول من جلجامش وهو يقول ضاحكاً:

– لقد كنت سأقتلك على أية حال

كان الظلام حالكاً

استطاع طالوت الزحف خلف شجرة بالقرب من الشنفرة لكنه مازال بعيداً جداً وبطيئاً

ماذا عليه أن يفعل

هل عليه أن ينقذ جلجامش من الموت الذي اختارته له عشتار

جاء هنا ليخلص عشتار من جلجامش وهاهو يحاول تخليص جلجامش من عشتار

فجأةً تذكر طالوت كلمات يارخ التي لمعت في ذهنه كبصيص من الأمل

” صاؤول والشنفرة وجهان لعملة واحدة!”

ماذا كان يقصد ياترى!

هل يوجد علاقة بين الشنفرة وصاؤول!

إنها ليس علاقة إنه سر لاشك بينهما شيء متشابه أو متضاد

صاؤول يريد قتل جلجامش والشنفرة يريد حماية عشتار

مالسر بين الشنفرة وعشتار ياترى!

جلجامش زوجها وحبيبها

أنا احبها مذ كنت صغيراً

لكن الشنفرة غريب ظهر فجأةً ولا أصل له في أرض الجن

هل هو ابنها!

هي حامل الآن لقد قال الشنفرة أنه أصبح أبطأ من السابق مما يعني أنه كان أسرع من الآن

مما يعني أنه كان أسرع من الضوء وهذا يعني شيئاً واحداً

إن كان الشنفرة استطاع الطيران بسرعة تفوق سرعة الضوء فهذا يعني أنه سافر للماضي

مما يعني أنه الآن في الماضي لقد جاء من المستقبل وضاع في الماضي

لايتذكر من هو ولماذا جاء إلى هنا

لكن إن كان جاء من المستقبل كيف عرفته عشتار هي تعيش في الوقت الحالي

هل هي غريزة الأم

هي لاتعلم أنه ابنها بل غريزة الأم هي من جعلتها تختاره على جلجامش

فالأم تضحي بنفسها وكل ماهو غال لديها من أجل ابنها حتى لو كان من تضحي به حبيبها حتى لو كان من تضحي من أجله لاتعرف أنه ابنها فغريزة الأم عمياء تعرف فقط الحماية

يجب اختبار هذه الفرضية

همس طالوت همساً خفيفاً

كان يعلم أن صوته سيكون خفيفاً وبطيئاً لكن الوحيد الذي يستطيع سماعه هو الشنفرة

فالشنفرة لابد أن عقله يستطيع رؤية الأشياء بالبطيء حين يتحرك بهذه السرعة لذلك يستطيع التركيز و توجيه هذه السرعة

همس طالوت:

– أمسك بسيف الرعد واقتل صاؤول ثق بي ياشنفرة تستطيع فعل ذلك

كانت الفرضية التي يريد طالوت اختبارها هي أن يجعل الشنفرة يمسك بسيف جلجامش

لا أحد يستطيع إمساك سلاح ليس له إلا إذا كان يرتبط به بالدم

إن كان الشنفرة هو ابن عشتار وجلجامش وسافر عبر الزمن إلى الماضي سيستطيع الإمساك بسيف جلجامش فهو من دمه وإن لم يستطع فهو ليس ابن عشتار

إن استطاع الإمساك بالسيف لن يقف في وجهه لا صاؤول ولاغيره فمن يملك سرعة الشنفرة وأسلحة جلجامش سيكون وحشاً كاسراً لن يصمد أمامه أي شيء

قفز الشنفرة على السيف بكل طاقته وأمسك به

فاندفع البرق من السيف وقذف بالشنفرة بعيداً

أثار تصرفه المباغت استغراب الجميع

فشلت فرضية طالوت فشلاً مؤلماً للشنفرة وخطيرا

أيضاً

كان الشنفرة يطير للخلف ببطء شديد يبدو أنه استهلك طاقته كلها

تيقن طالوت أنه ليس ابن عشتار لماذا اختارته إذن!

لقد جاءت لأرض الجن من أجل جلجامش وتختار جنياً آخر إن هذا غريب جداً

عشتار ليست خائنة إنها أطهر من كل شيء إنها نكهة الطهر والعفاف

إنها لاتحب الشنفرة إنها تنظر للشنفرة بنفس الطريقة التي تنظر بها لطالوت ذلك واضح في عينيها وطالوت يعرف هذه النظرة عز المعرفة

قفز صاؤول وراء الشنفرة وهو يصرخ بغضب:

– لقد استحقيت الموت ياشنفرة بتصرفك الغبي لقد كنت سأبقيك على قيد الحياة لكنك الآن في عداد الموتى أنا آسف ياعشتار فعشيقك الأحمق أصر على أن يموت

أصيبت عشتار بالدوار وصداع شديد حين اتجه صاؤول نحو الشنفرة

لمعت في في ذهن طالوت كلمة كان قد سمعها من المصوف

“أنا لا أخرج من هنا بل هنا يخرج مني”

فجأةً فيما اتجه صاؤول نحو الشنفرة رأت عشتار شخصاً ضخماً غير واضح الملامح بسبب الظلام خرج من خلف شجرة وقفز في الجو ببطء نحو جلجامش واغمي على عشتار

كان هذا هو طالوت خرج من مخبأه أخيراً

جازف بالشنفرة والآن يجازف بنفسه

وصل طالوت لجلجامش وقال بصوت بطيء وخائف وكأنه يحاول محاولةً يائسة:

– عععلليييكككك أأأنننن تتتتلللببسسسننييي

انتبه صاؤول هذه المرة لطالوت وأحس أن الأمور بدأت تخرج عن سيطرته فانتفض نحوهما بسرعة

وضع جلجامش يده على كتف طالوت

لم يفعل جلجامش شيئاً كهذا من قبل لكنه هو الآخر كان يثق بذكاء طالوت ومع أنه صد شاهد فشل ذكاء طالوت مع الشنفرة للتو إلا أنه لم يكن يمتلك خياراً آخر

اختفى جلجامش داخل جسد طالوت في الوقت الذي وصل إليه صاؤول

صرخ صاؤول:

– وغد آخر

عرف صاؤول من تلبس جلجامش لطالوت أن هذا إنسي مما أصابه بالفرح فإن تلبس جني إنسي ومات الإنسي يموت الجني معه مما جعل من مهمة صاؤول سهلة جداً بسرعة رفع صاؤول سيفه وقبض على طالوت من رقبته وطعنه في بطنه ورفعه عالياً وهو يقول:

– إنسي يساعد جلجامش هههه مادام جلجامش بداخل هذا الإنسي سيموت الاثنان شكراً لك أيها الأحمق لن يستطيع جلجامش الخروج الآن مادام سيفي في بطنك هههه

كان طالوت معلقاً في سيف صاؤول لايتحرك وكل شيء عاد طبيعياً بعد أن رفع صاؤول سيفه عن الأرض لتوجيه الضربة القاضية لجلجامش وهو داخل جسد هذا الإنسي الغريب

فجأةً اهتزت يداه وهو معلق في سيف صاؤول وقبض على كفه بقوة فانجذب رمح الظلام من الأرض وانقشع الظلام ليستقر الرمح في ظهر صاؤول ويخترق صدره

انقشع الظلام ليرى صاؤول الصدمة كان المعلق في السيف هو جلجامش

كان سيف صاؤول قد اخترق جرح بطنه القديم

ابتسم جلجامش وقال:

– لم يكن من الصواب أن يتلبسني جلجامش فتلبسته أنا فجسد جلجامش يستطيع تحمل ضربة السيف واستطيع إن تحكمت في جسده التحكم في أسلحته فهو إن تم طعنه لن يقوى على مواجهتك لذلك استلزم الأمر استحواذاً على عقله وبذلك أجبر جسده المتعب على التغلب على أوجاعه

كانت الدماء تتناثر من فم صاؤول وهو يقول:

– ذلك مستحيل كيف يستطيع إنسي أن يتلبس جنياً إن هذا لم يحدث من قبل

مالم يكن يعلمه صاؤول أن التلبس هو استحواذ العقل فمتى استحوذت على عقل سيطرت على جسده وقد كان جلجامش ضعيفاً جداًوقوة عقله لاتضاهي قوة عقل طالوت لذلك يستطيع الجن تلبس البشر فحين يضعف الإيمان في البشر يضعف القلب ومتى ضعف القلب ضعف العقل فيتم الاستحواذ وتجسيده بالتلبس وقد كان جلجامش أيضاً يظن أنه هو الذي سيتلبس طالوت فلم يكن أمام طالوت وقت للشرح فحين تواجه العقلان هيمن عقل طالوت على عقل جلجامش واستحوذ عليه وتلبسه فقد كان صفاء ذهن طالوت أقوى من جلجامش خصوصاً أن طالوت كان قد اعتاد على أن يكون كل شيء بطيئاً جراء جرعات الأدونيسين المتكررة التي حقن نفسه بها سابقاً

دخل سيف اللهب في صدر صاؤول وتبعه سيف عين الذئب فتناثرت الدماء من جسد صاؤول وهو يبكي دماً ويصرخ بشدة

تكلم طالوت داخل جسد جلجماش قائلاً:

– كنت قد قمت بتجربة مع الشنفرة لو نجحت لتحقق غرض في نفسي ولو فشلت استطعت إلهائك عن جلجامش لتنفيذ خطتي الثانية والقيام بتلبس جلجامش هل عرفت من هو الأحمق الآن

أمسك جلجامش بيد صاؤول التي كانت ممسكة بالسيف واقتلع السيف من بطنه وغرزه في بطن صاؤول بيد صاؤول ثم جذب سيف الرعد وفصل رأس صاؤول عن جسده ثم ركل صاؤول بعيداً

انتهى كل شيء…

جثا جلجامش على ركبتيه فقد انهار جسده كلياً لكن طالوت قام بجذب سيف اللهب وكي جرح جلجامش مرةً أخرى وسقط مغشياً عليه بعد أن خرج طالوت من جسده

كان طالوت واقفاً فيما كان الجميع فاقدون للوعي مع أن طالوت أحس بألم شديد في بطنه في نفس المكان الذي طعن فيه جلجامش يبدو أن الاستحواذ العقلي يكون مصحوباً بأذىً جسدي

جلجامش وعشتار والشنفرة فاقدون للوعي وطالوت منتصراً على الجميع

ذهب طالوت مسرعاً وقام بإنزال عشتار من الصليب

احتضن طالوت عشتار لأول مرة في حياته وحملها بين ذراعيه ثم انزلها أرضاً وقام بتضميد جراحها وإيقاف النزيف ثم حملها مرةً أخرى ومددها بجانب جلجامش

كان طالوت يعي ماكان يفعل يضع حبيبته بجانب حبيبها

نهض طالوت وذهب لصاؤول واقتلع سيفه من بطنه بغضب إذ أن السيف أصبح لطالوت بعد تغلبه على صاؤول فمن يتغلب على جني يستطيع امتلاك سلاحه ثم اتجه أخيراً نحو الشنفرة وسحبه بجانب جلجامش وعشتار

جلس طالوت على الأرض ووضع رأس جلجامش في حجره وكفه على جبهة جلجامش

أفاق جلجامش وهو يلفظ الدم من فمه ليبصر طالوت فوق رأسه

تكلم جلجامش بهلع قائلاً:

– ماذا حدث ياطالوت!

ابتسم طالوت وقال:

– انتهى كل شيء ياجلجامش مات صاؤول لقد قتلته وعشتار والشنفرة بخير لكن قل لي ياجلجامش مالسر في عشتار؟

كان جلجامش متعباً جداً لكنه حين رأى عشتار بين ذراعيه أحس بالاطمئان واستطاع التحدث:

– عشتار تمتلك قوةً في عينها ما إن تقع عينها في عين أي جني حتى يعشقها لذلك عشقها الشنفرة وعشقتها أنا لكنها اختارت الشنفرة علي اختارته ليعيش وأنا لأموت

حمحم الشنفرة وهو يصارع حمته الشديدة بكحة يملؤها التعب:

– هذا السر إذن عشتار تمتلك قوة في عينها تجعل أي جني يعشقها لذلك عشقتها أنا!

ابتسم طالوت وقال:

– لكنك لست جنياً ياشنفرة…

شهق الشنفرة شهقةً عظيمة من هول ماسمعه من طالوت وكأنه كان يشك في ذلك لكن طالوت استرسل:

– ببساطة أنت تطير بسرعة الضوء والجن لاتستطيع فعل ذلك مهما بلغت قوتهم إلا بواسطة سلاح لم يستطع صنعه أمهر صانع أسلحة في أرض الجن مما يعني أنك لست جنياً ياشنفرة

قال الشنفرة وهو مصدوم:

– هل أنا إنسي إذن!

قال طالوت:

– لست إنسياً أيضاً

أصيب الشنفرة وجلجامش بذهول يرتابه التأرجح بين الاستنكار واليأس وقال الشنفرة:

– إذن ما أنا؟

قال طالوت:

– أنت القوة التي في عين عشتار عليك أن تعلم أن عشتار اكتسبت قوةً في عينها قوةً عظيمة هذه القوة حين استقرت في عين عشتار تحولت إلى نور فأي شيء يكون في العين هو نور والنور هو ضوء لذلك تستطيع الطيران بسرعة الضوء هل تتذكر ماقلته ليارخ أنت لاتحتاج إلى سلاح فأنت سلاح بحد ذاتك لقد عرفك يارخ عرف أنك لست جنياً عرف أنك سلاح عشتار لذلك كان يحدق فيك وفي جلجامش بشكل غريب كان مستغرباً من أن جلجامش لايعرف حقيقتك لم يكن يارخ يعلم أنك أتيت من المستقبل

هز جلجامش رأسه هزاً عنيفاً ثم قال:

– لم أفهم ياطالوت

قال طالوت:

– عشتار مع مرور الوقت ستتمكن من التحكم في القوة التي في عينيها بحيث تستطيع جعلها تتجلى لكائن من نور يقوم بالدفاع عنها ألا وهو الشنفرة ولأن هذا الشيء سيحدث في المستقبل فقد قامت عشتار بجعل الشنفرة يطير بسرعة أسرع من الضوء حتى يعود للماضي ويقوم بحمايتها لتغيير الماضي فيتغير المستقبل لكن عشتار الآن لاتعلم ذلك والشنفرة أيضاً لم يكن يعلم ذلك لقد سافرت القوة التي في عين عشتار للماضي وتجلت لكيان قام الجن يدعونه الشنفرة لم يدع نفسه بهذا الإسم وإنما من حوله هم من اسموه بهذا الإسم لم يكن بمقدور عشتار أن تتحكم في الحقبة التي سترسل فيها الشنفرة لذلك تم ارساله لزمن قديم استمر الشنفرة يعيش صراعاً في عالم الجن يظن نفسه جنياً إذ عاش مع الجن وقلد طباعهم وظن أنه جني لأن مصدر هذه القوة كان من جني لكن شيئاً لم يكن يعلمه الشنفرة كان قاده نحو عشتار وقام بحمايتها دون أن يعلم لماذا، فحين ترسل ضوءاً ليكشف الظلام لايعلم الضوء لماذا قمت بتوجيهه على الظلام ولاتعلم أنت أين سيستقر الضوء فقط ترسله بعيداً نحو الوجهة التي تريد إضاءتها وتنتظر انعكاسه نحوك فعشتار لم تترك هذه القوة من عينيها بل أرسلتها وحين ترسل الضوء من عينيك يذهب لأقصى امتداد لكن يظل متصلاً بعينيك حتى ينعكس ويعود إليها فحين عاد الشنفرة للماضي كان ينعكس عائداً للمستقبل نحو عشتار وحين وجد عشتار في وقتنا الحالي قام بحمايتها دون أن يعرف أنها ليست عشتار المستقبل هل فهمتم الآن الشنفرة لم يعشق عشتار الشنفرة هو قوة عشتار ولو مات الشنفرة لماتت عشتار لذلك أيضاً قامت عشتار باختيار الشنفرة فالإنسان يمتلك غريزة الصراع من أجل البقاء فترى عقله يتصرف إذا اضطره الأمر لحماية نفسه حتى لو كان على حساب قلبه لأول مرة في حياتي أشاهد صراعاً بين المنطق والعقل فالمنطق كان يحتم قتل الشنفرة والعقل قام بقتل جلجامش

كان جلجامش والشنفرة قد تملكتهما الصدمة وعشتار نائمة كالطفلة في حجر جلجامش

قال الشنفرة مدافعاً عن نفسه:

– ألم تسمع حين قال يارخ أنني انحدر من سلالة ملكية!!

ابتسم طالوت قائلاً:

– يارخ مخادع ويلعب في الكلمات العربية ففي اللغة كلمة سلالة هي ما استل من الشيء والنطفة سلالة الإنسان لذلك يقال لنسل الإنسان سلالة فمعنى سلالة أوسع وأشمل من النسل لكن جرى استخدامها في النسل واشتهرت به لكن معناها الأوسع هو الانسلال من الشيء أي الخروج منه وهذا مصداق لما أقوله لكم فحين تكون عشتار حامل لايعني ذلك أنك ابنها ياشنفرة أنت قوة انسللت من عين عشتار وانحدرت أي عدت للماضي لأن معنى الانحدار في اللغة هو السقوط والانسكاب كالدمع الذي يسقط من العين وهي إشارة ذكية من يارخ للمكان الذي انحدرت منه ياشنفرة لذلك قال أنك تنحدر من سلالة ملكية فعشتار هي ملكة الجن هههه

قال جلجامش:

– ماذا حين قال يارخ أن الشنفرة وصاؤول وجهان لعملة واحدة ماذا أراد في قوله!

قال طالوت:

– كان يعني التضاد في القوى واندماجها كان يعطي تلميحاً دقيقاً لما سيحدث حين يتواجه الاثنان وأيضاً البديع في وصف يارخ أنه دقيق جداً فحين قال أنهما وجهان لعملة واحدة فمعنى عملة في اللغة هي الفعلة المنكرة كالسرقة والخيانة فكلاهما لايتواجه مع عدوه وجهاً لوجه بل يجعل سرعته هي التي تتحكم في المعركة فلو أزحت سرعة الشنفرة أو بطء صاؤول جانباً كلاهما يكون ضعيفاً لذلك فهي فعلة منكرة فهذا يعتبر غدراً لقد أعطانا يارخ كل الإجابات لكنكم سمعتم ما أردتم سمعه فقط لاغير

أحس جلجامش بالاطمئنان بعد أن علم أن عشتار لم تختر أحداً عليه سوى نفسها وأيضاً شكر الله أنها لم تختره فلو اختارت الشنفرة ليموت لماتت أمام عينيها لكن الأفضل من ذلك كله هو وجود طالوت في هذا المكان فهو الذي حال بين هذا الخيار المرير وأنقذ حياة الجميع

كان الشنفرة لايزال غير مصدقاً ماسمعه من طالوت لكنه على أية حال سعيد بنجاة عشتار التي كانت متعبة ونائمة كالطفلة في حجر جلجامش ثم ابتسم وأخذ يتلاشى كضوء يحجبه الضباب وتبخر مبتسماً يلوح بيديه نحو جلجامش وطالوت بدأ الشنفرة يخفت كضوء مصباح إلى أن اختفى مبتسماً

نهض طالوت أخيراً بعد أن وضع سيف الريشة وسيف صاؤول خلف ظهره

همس جلجامش:

– إلى أين ياطالوت سترحل أنت الآخر؟؟

ابتسم طالوت وقال:

– لقد انتهى دوري هنا كما انتهى دور الشنفرة انتهى ماجئت من أجله لقد جئت لكي اطمئن على عشتار والحمدلله هي بألف خير الآن عليك أن تنتبه لها ياجلجامش وعليك الرجوع للقلعة فوراً وجعلها تأخذ أكبر قسط من الراحة حتى تلد ياجلجامش فقد عانت الكثير عليك استرداد شرعية ملكك وتقوية جيشك وكسب ثقة قبيلتك

أومأ جلجامش برأسه ثم قال:

– مازال أمامنا الكثير ياطالوت مازال هناك جن وسحرة يسعون لفتح البوابات بين عالم الإنس والجن

قال طالوت:

– لذلك يجب أن أعود بسرعة فلقد انتهينا من خمسة من الجن وبقي اثنان لكن سبعة من السحرة الذين في عالم الإنس يجب التصدي لهم ويجب علي أن أعود فوراً وبسرعة فأنا الوحيد الذي يستطيع تحقيق ذلك فإن صدق تصوري واستطعت التغلب عليهم لن تتواجه مع الجنيان الذين قد تبقيا وإن لم يصدق فأنت تمتلك من القوة مايؤهلك لقمع أمثال هؤلاء مهما انتشرت الشرور في هذه الدنيا دائماً الإنسان يكون مصدراً رئيسيا لها إن هؤلاء السحرة المجانين هم السبب في كل مامررنا يجب قمعهم والقضاء عليهم

هز جلجامش رأسه موافقاً لطالوت وواثقاً أن طالوت كفؤ لهذه المهمة ثم نظر لعشتار وأعاد نظره لطالوت:

– لايسعني شكرك ياطالوت لقد أنقذت عالم الجن وأنقذت حياتي والأهم من ذلك كله أنقذت عشتار

أجاب طالوت:

– إن كنت تريد شكري ياجلجامش عدني بشيء واحد

قال جلجامش:

– وماهو!!

احمرت عينا طالوت وقال:

– لاتقل لعشتار أنني جئت إلى هنا…

استغرب جلجامش وقال:

– لك ذلك ياطالوت لكن لماذا!!

أجاب طالوت:

– لقد عانت مايكفي من الاضطرابات العاطفية ولا أريدها أن تقلق عليي أيضاً لإن أعيش في ذاكرة نسيان عشتار خير لي من أن أكون سبباً في عذابها لقد أحببت عشتار ياجلجامش ولم تحبني وقدومي إلى هنا لأنني أحبها ولا أطلب منها مقابلاً لهذا الحب عليك أن تحب ولاتنتظر مقابلاً لحبك حتى وإن آثر حبيبك أن تموت لكي يبقى على قيد الحياة هذا هو الحب ياجلجامش

هز جلجامش رأسه بابتسامة خجلة ثم قال:

– بقي شيء واحد لم أفهمه ياطالوت أنت لاتريد أن تعلم عشتار أنك قد أتيت هنا لكن بما أنها أرسلت قوة عينها للماضي ألا يعني ذلك أنها تستطيع رؤية الماضي مما يعني أنها تعلم أنك هنا!

ابتسم طالوت قائلاً:

– هي لاتعلم لكنها ستعلم فكما قلت لك هي أرسلت الضوء للماضي لكن انعكاسه سيستغرق وقتاً حتى يعود يوازي هذا الوقت وقتنا الحاضر فهي ستعلم أنني جئت هنا بعد مرور سنين عديدة لا أستطيع تحديدها وقد لا أكون على قيد الحياة في ذلك الوقت يكفيني فقط أنها ستدرك يوماً أنني أحببتها أكثر من أي شيء لذلك لا أريدك أن تقول لها أنني كنت هنا أريدها أن تدرك ذلك. الوداع ياجلجامش

خلع طالوت القلادة التي أهدته إياها أرورا وقام بتعليقها على رقبة عشتار ثم رحل أخيراً عن جلجامش وعشتار

رحل عائداً لعالم الإنس يطير بسيف الريشة على ارتفاع منخفض يسمح له بجعل سيف صاؤول يلامس الأرض حتى يجعل كل شيء بطيئاً ليتنسى له عدم مواجهة أي جني آخر والخروج من هذا العالم في سلام وفي نفس الوقت يعطي لجراح جلجامش الوقت الكافي كي تلتئم

قطع طالوت الصحاري والبحار بسرعة كبيرة وعاد من حيث بدأ كل شيء مر بيارخ الذي كان مشغولاً ببطء في صنع سلاحه الجديد مر بصديقه صائد السعالي كان يصلح رأس الفزاعة وحوله ثلاثة أسود برؤوس نسور مر أخيراً بالبحر حيث شاهد أرورا حورية الشفق القطبي صديقته الجميلة وهي تسبح برفقة الحيتان كان طالوت كلما مر بأحد من أصدقائه يبتسم ويلوح بيده مع أنهم لم يكونوا يرونه إلا أنه كان يودعهم كما ودع عشتار وهي لم تره

أدرك طالوت أن عالم الجن مع أنه مخيف وخطير إلا أنه عالم متناغم ومتجانس ومنتظم حتى الفوضى منتظمة بشكل يجعلك تتعجب كخلية نحل تراها معلقة في مكان ما وبداخلها عالم لايتوقف عن الحركة يوجد فيها العسل الشافي والنحل اللاسع

وصل للمغارة التي خرج منها من شجرة التفاح

توقف طالوت ورفع سيفه فعادت سرعة كل شيء طبيعية التفت باتجاه الشاطئ فوجد الشق مازال متربعاً يصطاد السمك مما يدل على أنه لم يؤخذ بنصيحة طالوت وابتسم طالوت وهم بأن يدخل للمغارة لكن لفت انتباهه شيء كان محفوراً أعلى المغارة

كلمات وكأنها أبيات شعرية تقول:

حام المغيب بمشرقي دون النوى

           وغدا الهيام بصدرها ظمأٌ روى

سدٌ هو بحرٌ هو جمرٌ هو

           نجمٌ هوى ذئبٌ عوى قلبٌ كوى

نورٌ على نورٍ إذا أبصرته

            وظلامُ ليلٍ بدرهُ في نينوى

مذ ذابتِ الأشواقُ جن جنونهُ

             والشوقُ يُحرِقُ كلما زاد الهوى

صدع المغيبُ فكيفما شرقت به

              عينانِ من نورٍ يُخالُ الشنفرى

ولقد تمنيتُ الوصل من قلبٍ ولم

              يكن التمني مثلما كان الغُوى

فغدوتُ أسبحُ في فضاها بعدما

              أصبحت مبتلياً بداءٍ ليس له دوى

حدق طالوت في هذه الأبيات لوهلة ثم التفت وراءه يودع عالم الجن وعشتار لآخر مرة ثم دخل للمغارة

خرج طالوت من شجرة التفاح كما دخل أول مرة

لقد افتقد صخب عالم الإنس الصخب الذي يحفه سكون الأمان

انتبه لوجود نسر فضي يقف على غصن شجرة التفاح

كان النسر ينظر لطالوت بشكل غريب ومإن التفت إليه طالوت حتى طار مبتعداً عن الشجرة وأخذ يدور فوق طالوت عالياً في السماء بهدوء مريب

حين خرج طالوت من الشجرة تحول سيف الريشة لريشة صغيرة وكذلك سيف صاؤول أصبح سكيناً صغيرة جداً جداً ابتسم طالوت ووضعهما في جيبه ثم مشى خارجاً من بيت عشتار

في طريق خروجه سمع صوت ولاعة خلف السور

خرج طالوت بسرعة ليجد المصوف يمشي بالقرب من بيت عشتار يرتدي معطفاً بنياً ونظارة سوداء دائرية صغيرة حاملاً جريدةً تحت إبطه ويضع كوباً من القهوة بين ركبتيه ويحاول إشعال سيجارة بذات الولاعة المعطوبة

قال طالوت مبتسماً:

– أنت بحاجة لولاعة جديدة!!

التفت المصوف مبتسماً هو الآخر نحو طالوت:

– آه.. لقد عدت هههه مازالت الولاعة تعمل علي استهلاكها للرمق الأخير كيف كان طريق العودة!

قال طالوت:

– لم أواجه أية مشاكل ولله الحمد لكن لفت انتباهي الأبيات التي نقشتها على المغارة

ضحك المصوف:

– يالك من ذكي ياطالوت وكيف عرفت أنني من كتب هذه الأبيات؟؟

ابتسم طالوت:

– جمعت أول حرف من الشطر الأول من كل بيت فوجدت اسمك فيها

ابتسم المصوف قائلاً:

– أنت ذكي ياطالوت لكن قل لي هل فعلاً ستترك عشتار للأبد؟

اكتسح الحزن وجه طالوت وقال:

– لقد اختارت عشتار مصيرها بيدها وماوجدته في عالم الجن أثبت لي أنها تستطيع حماية نفسها بسرعة الضوء عشتار ليست بحاجتي ولم تكن يوماً بحاجتي أنا من كان بحاجتها أنا من اشتاق لرؤيتها يامصوف لكنها لم تحبني

– كان يجدر بك أن تودعها ياطالوت

أجاب طالوت:

– لم أستطع توديعها حين رحلت عنها في عالم الإنس ولن أستطيع توديعها في عالم الجن أيضاً، قدري أن أعيش معذباً وهي لاتدري ذلك أفضل للجميع فلاهي سيتغير عليها شيء تجاهي ولا أنا

ضحك المصوف قائلاً بنظرة مريبة:

– هل تظن ذلك فعلاً!

قطب طالوت حاجبيه ثم قال بسرعة وكأنه قد تذكر شيئاً:

– بالمناسبة لقد قلت أنك ستقتل واحداً منا!

ضحك المصوف وقال:

– لقد قلت “قد” أقتل واحداً منكم ربما أعود يوماً ما لفعل ذلك من يدري ياطالوت عليك توخي الحذر إلى اللقاء ياطالوت.

تمت

شكراً لكل من تابع القصة جزيل الشكر أتمنى أن تكون قد نالت إعجابكم وانتظروني قريباً في قصة أخرى وفقنا الله وإياكم لكل خير إن شاء الله

ملاحظة:

بالنسبة للمعلومات الطبية و الفيزيائية التي تم ذكرها في القصة أرجو أن لايتم التعويل عليها أو الجزم بصحتها كل الجزم قد تحتمل الصواب أو الخطأ لأنك إن كنت ستعتمد علي في بناء مفاهيمك الفيزيائية فهذا يدل على أنك في ورطة كبيرة ههههه فهذه المعلومات بنيتها على فهمي المحدود جراء اطلاعي البسيط عليك أخي الكريم أن تزيد اطلاعك في كل شيء وتبني نظرياتك وقناعاتك الخاصة نحن في زمن أصبح كل شيء في متناول اليد فقط عليك القراءة لاتتوقف عن القراءة فهي النور الذي سيجعلك تحلق بسرعة الضوء يوماً ما

وداعاً👋🏻
تمت .

 بقلم | حسن المصوف
حسن المصوف
حسن المصوف – مؤلف رواية الانسية التي تزوجت جني
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

 
 

 

 

Translate »